العودة إلى الماضي هي من أهم الخطوات الّتي نقوم بها لفهم الحاضر وربّما الإعداد للمستقبل، فمعرفة الأصول وماضي الأشياء تساعدنا على بناء الواقع ومعرفة الأخطاء وتلافيها، وفي كتب التّاريخ العربي خير معين على ذلك.

حيث دأب عدد من المؤرّخين عبر العصور على تدوين ونقل أخبار أهل الزّمان وتاريخ الأعلام والدّول في مؤلّفات ضخمة باتت المصدر الأساسي الّذي يستقي منه طلّاب العلم والمعرفة علوم أجدادهم. وفي مقالنا سنورد أسماء ستّة من كتب التّاريخ العربي الّتي لا بدّ من المرور بأحدها عند الرّغبة والحاجة لمعرفة معلومة عن ماضينا وحضارتنا.

أهم كتب التّاريخ العربي

كتاب الكامل في التّاريخ

تأليف: عليّ بن محمّد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشّيباني الجزي، المعروف بأبي الحسن عزّ الدّين ابن الأثير. قام ابن الأثير بجمع عدد كبير من التّفاصيل التّاريخيّة الحقيقيّة وتدوينها في كتاب استغرق منه عشرة أجزاء، يكون الكتاب بذلك موسوعة تاريخيّة شاملة وكاملة. بدأ ابن الأثير من بداية الخلق والأنبياء وقصصهم من عهد سيّدنا آدم، واستمرّ إلى العصر الجاهلي والإسلامي حتّى عام 628 هجري. صدر الكتاب بتحقيق أبي الفداء القاضي عام 1987 في أحد عشر مجلّدًا، وكلّ مجلّد يتناول عددًا من لسّنوات أوّلها عن تاريخ ما قبل الهجرة النّبويّة وآخرها ينتهي بعام 628 هجري.

كتاب تاريخ الأمم والملوك (تاريخ الطّبري)

تأليف: محمّد بن جرير الطّبري. يؤرّخ الكتاب من بداية الخلق إلى نهاية عام 302 هجريّ، والكتاب عبارة عن سلسلة مرويّات اعتمد الكاتب فيها على مبدأ "من أسند فقد أحال". يقول الطّبري في مقدّمة كتابه: "فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه، أو يستشنعه سامعه، من أجل أنه لم يعرف له وجهًا في الصحة، ولا معنى في الحقيقة، فليعلم أنه لم يؤت في ذلك من قبلنا، وإنما أتى من قبل بعض ناقليه إلينا، وأنا إنما أدينا ذلك على نحو ما أدى إلينا." نال الكتاب شهرة كبيرة بين كتب التّاريخ العربي لأخباره وأسانيده، وتناقلته أكثر من لغة حول العالم، وصدرت أكثر من طبعة محقّقة عنه أفضلها طبعة مكتبة دار المعارف بتحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم في أحد عشر مجلّدًا. صدرت بعد ذلك عدّة كتب تختصر تاريخ الطّبري مثل اختصار تاريخ الطّبري لابن عبد الحق البغدادي، وصفوة التّاريخ للقاضي الجرجاني. كما صدرت على الكتاب عدّة استدراكات منها،صلة تاريخ الطّبري لعريب بن سعيد القرطبي وتكملة تاريخ الطبري لمحمد بن عبد الملك الهمذاني.

مقدّمة ابن خلدون وكتاب العبر

تأليف: عبد الرّحمن بن محمّد ابن خلدون أبو زيد وليّ الدّين الحضرمي الإشبيلي. تعتبر مقدّمة ابن خلدون الّتي وضعها لكتابه الضّخم "العبر" واسمه الكامل " كتاب العبر، وديوان المبتدأ والخبر في أيّام العرب والعجم والبربر، ومن عاصرهم من ذوي السّلطان الأكبر"، كتابًا منفصلًا لغزارة معلوماتها وما فيها من آراء. فلك أن تتخيّل ضخامة المؤلّف واحتوائه على كم كبير من المعلومات إضافة إلى آراء ابن خلدون في كثير من جوانبه الّتي جعلت الكتاب من أهم كتب علم الاجتماع واعتُبر ابن خلدون مؤسّسًا لعلم الاجتماع. تقدّم المقدّمة مجموعة من النّظريّات والأسس الّتي يضعها ابن خلدون لعلم الاجتماع مشفوعة بما يسرده عن أخبار الأمم والدّول ونشوئها وانحطاطها. كما يتألّف كتاب العبر من سبعة أجزاء للمتن، وجزء ثامن للفهارس، يتناول فيها التّاريخ الإسلامي وما بعده وعلم العمران في تاريخ العرب والبربر والملوك العجم ليكون الكتاب موسوعة لا تُقارن بين كتب التّاريخ العربي.

كتاب البداية والنّهاية

تأليف: عماد الدّيم أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضو بن درع القرشي الحَصلي البُروي الشّافعي الدّمشقي، والمعروف بابن كثير. يعتبر الكتاب موسوعة تاريخيّة ضخمة تبدأ من بداية خلق آدم وتنتهي بعلامات السّاعة، تناول فيه قصص الأنبياء وأخبار الأقوام الهالكة ووالفتن والملاحم. بوّب ابن كثير الأجزاء بالسّنوات فيبدأ كل جزء بسنة يذكر أهم أحداثها ويختمها بذكر أهم من مات فيها، وبذلك تكون آخر سنة هي 768 هجريّ وبعدها يتحدّث عن يوم القيامة وعلاماته وأهواله جاعلاً منها النّهاية. ينقسم لكتاب إلى واحد وعشرين جزءًا، وصدرت له فهارس غير التي وضعها المرلّف منها فهرس عام لكتاب البداية والنّهاية إعداد المركز الّلبناني للفهرسة العليمّة ونشر دار المعارف.

كتاب نفح الطّيب من غصن الأندلس الرّطيب

تأليف: شهاب الدّين أبو العبّاس أحمد بن محمّد المقري التّلمساني القرشي المالكي الأشعري (المعروف بالمقري التّلمساني). وهو موسوعة تاريخيّة كبيرة عن بلاد الأندلس فيما يخصّ تاريخها وأدبها وجغرافيّتها، وقد جعله على جزأين يتحدّث فيهما عن الأندلس ومدنها من حيث المناخ والمساحات والأراضي وسكّانها الأوائل. كما تحدّث عن سكّانها وصفاتهم المحبّة للعلم والأدب والسّلوكيّات الّتي كانوا عليها وبيئتهم الاجتماعيّة الخاصّة، كما خصّص قسمًا لأخبار وزير الأندلس لسان الدّين ابن الخطيب. فيعتبر بذلك أكبر مصدر لتاريخ الأندلس في كتب التّاريخ العربي في ماضيها والتّواجد العربي فيها وحضارتهم، وهو من أهم المصادر لدارسي الأندلس في معرفة تاريخها. صدر الكتاب بطبعة محقّقة عن دار صادر بتحقيق العلّامة إحسان عبّاس في ثمانية مجلّدات.

كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء

تأليف: أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران الأصفهاني. يختصّ هذا الكتاب بالتّراجم لتاريخ النّسّاك والزّهّاد فيه ما يقارب ثماني مائة ترجمة من الصّحابة والتّابعين والأئمة الأعلام المحقّقين والمتصوّفة والنّسّاك في عصر الكاتب. يمتاز الكتاب بمادّته العلميّة وجمع الكاتب لأحاديث المترجَم عنهم وكلامهم، وكل ما ورد في محتواه من أحاديث قدسيّة يرويها بأسانيده. كما احتوى فرائد من الأحاديث في الغرائب والّتي قلّما توجد في مصنّفات وكتب أخرى من كتب التّاريخ العربي، كمل ترجم الكاتب لطائفة من رواة الحديث النّبوي الشّريف. فيعتبر الكتاب من أكبر الكتب الّتي حدّثتنا عن التّراجم وأشملها من حيث الوصف والمادّة العلميّة والتّاريخيّة. كتب التّاريخ العربي كثيرة، منها الشّامل ومنها المتخصّص في زمن أو أحداث معيّنة وكلن ما ذكرناه يندرج تحت بند الأعم الأشمل والأقدم.

******

أبحر في حِبْر كُتُب

هنا

*******

تابع حِبْر كُتُب على