خلال تاريخنا مرّت على الأدب والفنون والثّقافة العربيّة أقلام ترك حبرها تأثيرًا كبيرًا على عدّة مستويات، فهناك كتّاب عرب وصلت شهرتهم للعالميّة بفضل ما لفكرهم وكتابتهم من أثر.
وهنا سنتحدّث عن أكثر 5 كتّاب عرب كان لهم تأثير عالمي من خلال فكرهم وأدبهم، كما ترجمت أعمالهم إلى لغات متعدّدة نظرًا لقيمتها.
اسم لامع على مستوى العالم، الأديب المصري نجيب محفوظ، من مواليد عام 1911 في مدينة القاهرة، حاصل على إجازة في الفلسفة قبل أن يحوّل تركيزه إلى الأدب، ولكنّ الفلسفة لم تفارقه وهذا ملحوظ في بعض أعماله الرّوائيّة. تنوّعت كتابات نجيب محفوظ في نسقها ومواضيعها لتنتمي إلى اكثر من نوع روائي، فروايته الأولى "عبث الأقدار" تنتمي للواقعيّة التّاريخيّة، وكذلك "كفاح طيبة" و"رادوبيس". بينما نجد ابتداء من عام 1945 توجّه محفوظ للرّواية الواقعيّة الاجتماعيّة، فكتب "بداية ونهاية"، و"ثلاثيّة القاهرة". لنجد أنّ الخطّ الرّوائي بعد هذه الأعمال يتّجه إلى الرّمزيّة في "الشّحّاذ" و"أولاد حارتنا"، لينتقل إلى الواقعيّة النّفسيّة في رواية "السّراب". كما نجد النّفس الملحمي في أعماله مثل "الحرافيش"، ونجد الأسلوب الّلغوي والنّفس الشّعري في "أصداء السّيرة الذّاتيّة" و"أحلام فترة النّقاهة". قد يوحي لنا هذا الزّخم الكتابي بأنّ الكاتب لاقى أقلام النّقّاد منذ البدايات حتّى تابع مسيرته، ولكن مرّ ما يقارب خمسة عشر عامًا من بدايته للكتابة قبل أن يكون موضوعًا نقديًّا. واجهت الكاتب خلال رحلته محطّات من التّوقيف عن الكتابو والنّشر والملاحقات بسبب ما يرد من أقوال وآراء في أدبه، كما ترجمت أعماله إلى لغات متعدّدة نظرًا لقيمتها الفنّيّة الكبيرة، وحصد جائزة نوبل للأدب أيضًا. توفّي نجيب محفوظ عام 2006 عن عمر يناهز 95 عامًا وترك مسيرة فنّيّة ادبيّة مؤثّرة لا يمكن تجاهلها أو نسيانها.
إذا تحدّثنا عن أكثر 5 كتّاب عرب مرثّرين فلن نغفل اسم الأديبة السّوريّة غادة السّمّان، يمكن أن نعتبر الأديبة غادة السّمّان من المناضلات أدبيًّا في قضايا الوطن والمرأة والمجتمع. تتّسم أعمالها بالجرأة وطرح المواضيع المهمّة في السّياسة والمجمتع، وشكّلت كتاباتها وأسلوبها العميق والمتميّز أيقونة في مسيرة الأدب. بدأت حياتها في الصّحافة والتّرجمة ثمّ بدأت بنشر أعمالها من قصص وروايات وأشعار، وكانت أولى أعمالها المنشورة مجمعة عيناك قدري عام 1962. توالت بعدها الأعمال الأدبيّة ولتسهيل أمور النّشر قامت وزوجها الدّكتور بشير الدّاعوق بافتتاح دار نشر تحمل اسمها. من أهمّ أعمالها في المجموعات القصصيّة نذكر: "لا بحر في بيروت" و"ليل الغرباء" و"رحيل المرافئ القديمة". كما قدّمت أعمالاً مؤثّرة في الرّواية منها: "بيروت 75" و"كوابيس بيروت" و"ليلة المليار" و"سهرة تنكّريّة للموتى" والرّواية المستحيلة بجزأيها "فسيفساء دمشقيّة" و"يا دمشق وداعًا". إضافة للمجموعات الشّعريّة منها: "أعلنت عليك الحب" و"عاشقة في محبرة" و"الأبديّة لحظة حب"، والأعمال غير الكاملة وتشمل مجموعات من مقالات الأدبية المنشورة على مدى سنوات في الصّحافة ومنها: الجسد حقيبة سفر" و"السّباحة في بحيرة الشّيطان" واعتقال لحظة هاربة". عايشت غادة السّمّان في أعمالها أهوال حروب لبنان ومثّلت شخصيّاتها في معظم الرّوايات والقصص الأدبيّة شخوصًا تحمل الفكر والحريّة والأمل سواء من الشّخصيّات الذّكوريّة والأنثويّة. ناقشت تحرّر المرأة واقعيًا وكما تتمنّاه هي وتراه، والدّليل على ذلك عدم انخراطها في الحديث عن الجنس وما يرد في أعمالها هو في سياق خدمة الحدث والسّرد. ترجمت العديد من أعمالها ورواياتها إلى لغات متعدّدة وانتشرت عبر العالم لتكون فاعلة ومؤثّرة واسمًا لامعًا.
عميد الأدب العربي كما يمكننا أن نطلق عليه، أعماله في دراسات الشّعر وكتابة الرّواية تشهد برغبته بقيام نهضة أدبيّة ثقافيّة عربيّة. الأديب المصري طه حسين من مواليد عام 1889، ولد في عائلة كبيرة كثيرة الأبناء، دخل عالم العلم والثّقافة وأبحر فيه ليكون من حفظة القرآن الكريم ودارسي الحضارة الإسلاميّة والّلغات الشّرقيّة وعلم النّفس وغيرها. من أشهر مؤلّفاته كتاب "في الشّعر الجاهلي" الّذي قدّم فيه رؤية ديكارتيّة للشّعر الجاهلي قائمة على التّحليل والاستنتاج، ورغم ما واجه الكتاب من انتقادات إلّا أنّه وبعد تعديل اسمه إلى "في الأدب الجاهلي" يبقى له قيمته المؤثّرة. وكذلك كتابه النّقدي "حديث الأربعاء" الّذي تناول فيه الحديث عن الأدب الجاهلي أيضًا محاولًا أن يظهر هذا الأدب بصورته الّتي يجب أن يكون عليها بوصفه قوام الثّقافة العربيّة ومنبعها الأساسي. أمّا كتاب "الأيّام" فهو سيرة ذاتيّة شخصيّة للكاتب يروي فيها فصولًا من حياته وما فيها من أحداث وعبر تعلّمها ومرّت عليه. تحسب لطه حسين سلاسة الّلغة والوضوح وعمق الفكرة ومنطقيّتها، فعمله قائم على التّحليل والتّفسير وأسلوبه مبسّط ولغته سهلة. توفّي طه حسين عن عمر 84 عامًا عام 1973 .
كاتبة وروائيّة من الجزائر من مواليد عام 1953، تعتبر من أكثر الأقلام العربيّة رهافة ومسؤوليّة، وتأثيرها العالمي جعلها خيار منظّمة اليونسكو لتكون فنّانة اليونسكو من أجل السّلام. عملت في أعمالها الأدبيّة على معاينة التّاريخ والحروب في الجزائر بعين أبطالها، فكانت القصص مؤثّرة والأحداث فاعلة والأسلوب رصين وراقي. تميّزت بأسلوبها في الكتابة، فقراءة اقتباس واحد في غُفل عن اسمها سيجعل القارئ يعرف أنّه لأحلام على الفور. اشتهرت بثلاثيّتها الرّوائيّة "عابر سرير" و"فوضى الحواس" و"ذاكرة الجسد" الّتي تناولت قضايا المجتمع الجزائر وتاريخه من خلال مدينة قسنطينة. كما تلتها أعمال ناصرت المرأة وتحرّرها وخاصّة كتاب "نسيان كم"، كما كتبت للصّحافة ومازالت مجموعة من المقالات في مواضيع السّياسة والمجتمع والمرأة. آخر أعمالها كان رواية "شهيًّا كفراق"، ولها مجموعة شعريّة بعنوان "عليك الّلهفة"، كما أصدرت مجموعة من مقالاتها في كتاب بعنوان" قلوبهم معنا وقنابلهم علينا". ذاع سيط عملها الرّوائي "الأسود يليق بك" والذذي يروي حكايات الرّجل والمرأة وكيف تبني المرأة هوّيتها وحياتها بسيطرة وحريّة عن قيود المجتمع الذّكوري.
الأدب والشّاعر والرّسام اللّبناني جبران خليل جبران، وهو أكثر اسم لامع عالميًا، عمله ومؤلّفاه تلامس شغاف الرّوح والعقل والوجدان. كان جبران متعدّد المواهب وقد طوّعها كلّها لخدمة التّأليف والفكر، فكان يحبّ الرّسم والفلسفة والشّعر والأدب، ومؤلّفاته تشهد. تميّز جبران بقدرته على الكتابة بعدّة لغات ممّا ساهم في انتشار أعماله عالميًّا، فكتب بالعربيّة والإنكليزيّة، ومن أهم مؤلّفاته "عرائس المروج" و"الأجنحة المنكسرة" و"الأرواح المتمرّدة" و"العواصف" وهي بالّلغة العربيّة. وله كتاب "النّبي" و"المجنون" ورمل وزبد" بالّلغة الإنكيزيّة وغيرها من الؤلّفات. اشتهرت قصّة حبّه مع الأديبة مي زيادة ورسائلهما المتبادلة والمنشورة دون أن يتقابلا أو يعرف أحدهما الآخر، ولكنّ الأدب والّلغة جعلا القلوب والعقول تبدع رغم البعد. والأسماء كثيرة والقوائم تطول وكلّها تشهد بغنى الأدب العربي بشخصيّات مثّرة وفاعلة بأدبها عربيًّا وعالميًّا لتكون أيقونات لتاريخنا على مرّ العصور.
*******