في تعريف الرّواية نقول بأنّها عمل سردي طويل ينتمي إلى فنون الأدب النّثري، وتعتمد على جذب القارئ وإثارة انتباهه إلى تفاصيلها من خلال عناصر السّرد المتكاملة كالشّخصيّات والزّمان والمكان والحدث والحبكة.
وتاريخ الرّواية العربيّة ليس حديثًا ومكتبتها باتت واسعة ومنوّعة في النّوع الرّوائي، وفي مقالنا هذا سنستعرض أهمّ الرّوايات العربيّة الّتي حصدت شهرة منذ صدورها وما دعا إلى هذه الشّهرة.
هي رواية عربيّة للكاتب الكويتي سعود السّنعوسي، نُشِرَت في عام 2012. بلغ عدد صفحاتها 400 صفحة. فحسب تصويت لجنة تحكيم جائزة البوكر للرّواية العالميّة فإنّ هذه الرّواية هي من أفضل وأهمّ الرّوايات العربيّة الّتي حازت على الجائزة العالميّة. ناقشت الرّواية قضيّة العمالة الأجنبيّة في دول الخليج العربي، وتتحدّث عن معاناتهم وحقوقهم الضّائعة. فمن خلال شخصيّة "خوزيه" أو عيسى نعيش صراعات هذه العمالة في علاقاتها مع مخدوميها ونظرتهم لها، وتتجلّى عقدة الصّراع في التّشتّت الدّيني لبطل القصّة إضافة لنبذه من قبل مجتمع أبيه. الشّخصيّة الرّئيسيّة في تلك الرّواية هي " خوزيه "، وهو شاب من أب كويتي الجنسيّة يُدعى "راشد" وأم فلبينيّة كانت تعمل خادمة لدى عائلة راشد. أحبّها راشد وعقد قرانه عليها سرًّا دون علم أحد، وعندما علمت العائلة الكويتيّة بهذا الزّواج أجبرت راشد على التّخلّي عنها وطلاقها. فما كان من راشد إلّا الخضوع لأوامر عائلته وطلاق زوجته، بعدها أخذت الزّوجة الطّفل خوزيه إلى موطنها الأصلي (مانيلا – الفلبين) فنشأ خوزيه نشأة فقيرة في تلك البلد. لكن كان خوزيه كما نقول يقف على الأطلال منتظرًا أباه أن يجلبه إلى الكويت أو إلى الجنّة على حسب وصف الأم لتلك البلد. وخلال كل تلك الفترة يحاول خوزيه البحث والكشف عن هويّته وموطنه وشخصيّته ودينه فهو كان مشتتًا ما بين الدّين المسيحي مثل أمّه أو الدّين الإسلامي الّذي يعتنقه أبوه. وكانت الصّاعقة هنا عندما اكتشف خوزيه أنّ أباه قد توفيّ في أثناء حرب الخليج ما بين الكويت والعراق، فبدأت هنا معاناة من نوع آخر وبأحداث مشوّقة ومؤلمة في الوقت نفسه.
هي من أهمّ الرّوايات العربيّة للكاتب أيمن العتوم، صدرت في عام 2016. تتألّف الرّواية من 385 صفحة، وهي عبارة عن ثلاثة فصول. تتناول الرّواية في عمومها عدّة قضايا إنسانيّة واجتماعيّة من خلال مجموعة من الشّخصيّات وعلاقاتها فيما بينها وبين المجمتع والظّروف المحيطة. مضمون الفصل الأول يتحدّث عمّا جرى بين الدّكتور جلال (الطّبيب) وسلوى (زوجته) وبدر (طفليهما). بدر هو ذلك الطّفل الذي يعاني من مرض التّوحّد، وركّز الكاتب على أثر ذلك المرض على والدي الطّفل وتعامل المجتمع مع التّوحّد. أمّا الفصل الثّاني فتدور أحداثه بين زياد وليلاس (أخته) وشادي وليث (أصدقاؤه) وذلك في سوريا محافظة حمص، وما يلقونه من مآسٍ ومعاناة يوميّة إثر اندلاع الحرب في سوريا عام 2011. في القسم الثّالث يدمج الكاتب كافّة الشّخصيّات السّابقة مع بعضها ويتمّ اللّقاء فيما بينهم، وناقش الكاتب أحوال اللّاجئين السّورييّن في الأردن.
هي رواية للأديب الرّاحل أحمد خالد توفيق وهو اسم لامع إذا ما تحدّثنا عن أهمّ الرّوايات العربيّة، هي رواية تنتمي إلى ادب الدّيستوبيا أو أدب نهاية العالم أو ما يُعرف أيضًا بأدب المدينة الفاسدة. عدد صفحاتها 97 صفحة. من اسم الرواية يتبيّن معنا مضمونها، يوتوبيا هي مدينة فائقة الجمال تعتبر مخصّصة للأغنياء فقط. وهي تحت حراسة المارينز الأمريكيين حيث يتاجرون في المخدرات ويفعلون كلّ ما هو محرًّم. بينما يعيش الفقراء خارجها يأكلون لحم بعضهم البعض من أجل البقاء على قيد الحياة فقط والحصول على قطعة خبز أي لا وجود للكهرباء أو الصّرف الصّحي أو أي عناية طبيّة مهما كان نوعها. تدور أحداثها حول ما سيحدث في مصر في عام 2023 بعدما تسلّل الرّواي وصديقته الّتي تدعى (جرمينال) خارج يوتوبيا بغرض الملل والاتجار بأعضاء الفقراء.
هي رواية عربيّة للكاتبة التّونسيّة خولة حمدي، نُشِرَت في عام 2015، وتعتبر أهم الرّوايات العربيّة الّتي تناولت القضيّة العربيّة. عدد صفحات هذه الرّواية 268 صفحة، وموضوعها الأساسي هو السّفر والغربة. تدور أحداثها عن أشخاص عرب يقطنون في فرنسا وعددهم ثلاثة، وهم (ياسمين) من تونس فتاة ملتزمة بحجابها ومتمسّكة بمعتقدات دينها وترغب بمتابعة دراستها في مجال علم الاجتماع. (عمر) من المغرب شاب مسلم ملتزم يكون ضحيّة مؤامرة حُبِكَتْ ضدّه لإيقاعه في السّجن واتّهامه بالإرهاب مقابل التّغطية على جرائم أخرى لمرؤوسيه في العمل. (رنيم) محاميّة مصريّة الجنسيّة وهي فتاة متأثّرة بالعادات والثّقافة الغربيّة وتؤيّدها، وتعيش صراعات كبيرة بين عاطفتها وعقلها. ركّزت الرّواية على فئة معيّنة من العرب عانت من الاضطهاد والنّبذ في المجتمع الغربي غير الإسلامي، كما سلّطت الضّوء على معاناة النّساء المحجّبات في البلاد الغربيّة والمعاملة السّيّئة الّتي يتلقّونها. بالإضافة إلى صعوبة اندماج العرب في المجتمع الغربي الفرنسي على وجه الخصوص نظرًا إلى اختلاف العادات والتّقاليد والدّين. نلخصها أخيراً بعبارة أنّ غربة الياسمين هي غربة الرّوح والجسد، كما تمتاز الرّواية ببنائها الدّرامي المتماسك وترابط علاقات الشّخصيّات ومنطقيّة الحدث وتشويقه.
هذه الرّواية من أفضل الرّوايات العربيّة من تأليف الكاتب الكويتي سعود السّنعوسي، صدرت في عام 2015، وتم صدور نسختها الإنكليزيّة في عام 2019. بلغ عدد صفحاتها حوالي 437 صفحة. فقد استخدام الكاتب أسلوب التّشبيه لوصف الواقع بكلّ دقّة دون ذكر الحقائق بطريقة صريحة فاستخدم قصّةً كانت تحكيها له جدّته وهي قصّة الفئران. الأحداث الواقعيّة للرّواية كانت تتحدّث عن الفتنة الطّائفية في المجتمع الكويتي. حيث بدأ الكاتب روايته بشعار " الفئران آتية، احموا النّاس من الطّاعون"، هذا الشّعار كان بمثابة تحذير للشّعوب العربيّة وخاصّة الكويت من خطورة هذه الفتنة الّتي لا تخلّف إلّا الدّمار. بدأت الأحداث مع اندلاع الثّورة الإيرانيّة مروراً بأحداث الحرب الإيرانيّة العراقيّة، والأحداث الّتي حدثت في أثناء احتلال العراق للكويت وصولاً إلى الغزو الأمريكي للعراق وانتهاءً بالزّمن الافتراضي الّذي تشتعل فيه الحرب الأهليّة.
هي رواية عربيّة للمؤلّف الرّاحل مصطفى محمود، صدرت في عام 1965. عدد صفحاتها 98 صفحة فقط. وبالرّغم من أنّها قصيرة فهي تُعدُّ من أجمل الرّوايات العربيّة، فهي من الرّوايات الّتي يطغى عليها قالب الخيال العلمي لذلك تبدو غريبة ومخيفة نوعًا ما. يتحدّث بها الكاتب عن نظريّة فيزيائيّة، حيث تدور أحداثها حول شخص مريض يدعى راغب دميان، عاش حياته وهو يحاول أن يثبت نظريّته أنّ الإنسان يعيش ملايين السّنين ولا يموت بل تنتقل روحه من جسد لآخر وفي كلّ مرّة يكون له اسم مختلف بمكان وزمان مختلفين. وبسبب تشبّثه وإيمانه بتلك النّظرية حاول أن يثبت ذلك على خطيبته ممّا تسبَّب بمقتلها ليرى ماذا سيحصل بعدها هل ستعود مرّة أخرى أم لا إلى أن أودى به الحال لتجربة ذلك على نفسه وانتهت بوفاته. هذا عدا عن الجانب الطّبّي الّذي يتحدّث عنه الكاتب في هذه الرّواية، حيث يذهب المريض إلى أكثر من طبيب وقد بدت الحيرة على وجوهم حول وضعه، إلى أن قرّر الدّكتور داوود بعد أن شعر بالقلق حيال أمره العمل على كشف هذا السّرّ الّذي يثير فضوله وانتباهه.
عند الحديث عن أهمّ الرّوايات العربيّة لا بدّ أن ترد الطّنطوريّة، وهي رواية للكاتبة المصريّة رضوى عاشور، نُشِرَت في عام 2010. تتألّف من 466 صفحة. تتحدّث تلك الرّواية عن تاريخ فلسطين وعراقتها وكلّ شيء يخصُّها، بالإضافة إلى أنّها تناولت المأساة الفلسطينيّة. سلّطت الكاتبة الضّوء بشكل خاص على قرية تقع في جنوب حيفا على السّاحل الفلسطيني، والمذبحة الّتي حصلت فيها عام 1948 على يد الصّهاينة. كما تناولت حياة عائلة هاجرت من القرية بما يقارب من 50 سنة حتّى الآن، كما شملت تجربة اللّجوء إلى لبنان.
من تأليف الكاتبة الكويتيّة بثينة العيسى، صدرت في عام 2013، يبلغ عدد صفحاتها 186 صفحة. تناولت تلك الرّواية موضوع توأمين أسامة وأسماء لكن شاء القدر أن يكون أسامة هو ذلك الشّاب الوسيم وأسماء فتاة قبيحة الوجه تعيش مشاكل نفسيّة وعزلة وفقدان الثّقة بمظهرها وشكلها الخارجي. تعاني أسماء ذات السّتة وعشرين عامًا من ضغوط المجتمع والنّاس حولها حيث يصفونها بـ "العانس". كانت قدوتها معلّمتها في المدرسة وتدعى " أبلة حصة ". كما ركّزت الرّواية على الأفكار الفلسفيّة الّتي تأتي على ذهن أسماء وخصوصاً حول أخيها " أسامة " الّذي تحسده على الصّفات الجماليّة الّتي يمتلكها.
نُشِرَتْ في أيار عام 2015، وهي رواية أيضًا للكاتبة بثينة العيسى الّتي بات اسمها حاضرًا بقوّة ضمن تصنيفات أهمّ الرّوايات العربيّة لما لها من رصانة وأسلوب وفكر في كتاباتها. تتألّف الرّواية من قرابة 400 صفحة. تتحدّث عن عائلة مكوّنة من ثلاثة أشخاص، الأب (فيصل) والأم (مريم) وابنهما (مشاري) في السّابعة من عمره، قاصدين مكّة المكرّمة لأداء مناسك الحج. تمّ اختفاء الابن (مشاري)، فتحوّلت تلك الرّحلة من رحلة البحث عن المغفرة إلى رحلة البحث عن ابنهما الضائع بين ملايين الحشود في أرض مكّة. سلّطت الكاتبة الضّوء على ردود الأفعال المتناقضة بين الأبوين، فالأم لجأت إلى الله بيقين تام أنّ ولدها سوف يعود إلى حضنها، بينما الأب فقد ثقته ويقينه في كلّ شيء وأصبح يبحث عن ابنه بدافع غريزة الأبوّة فقط من مبدأ " يجب أن أساعد نفسي بنفسي". كما ناقشت الرّواية الفظائع الّتي ترتكبها عصابات الأطفال ما بين الخطف والتّعذيب الجسدي والنّفسي وبيع الأعضاء وما إلى ذلك. وأخيراً نلخّصها بعبارة (رحلة من تجوّل إلى تائه).
هي رواية للكاتب الأردني أيمن العتوم، صدرت في شهر شباط في عام 2014. تضمّ هذه الرّواية 63 فصل و470 صفحة. تدور أحداثها حول ما جرى في جامعة اليرموك في عام 1986، أي الاحتجاجات والاعتصامات الّتي قام بها الطّلبة احتجاجاً على القرارات الجامعيّة التّعسّفيّة آنذاك. مُنِعَت تلك الرّواية من النّشر، الأمر الّذي جعل القرّاء يندفعون إلى قراءتها ومعرفة تفاصيلها، فعند قراءتها تشعر وكأنّك تشاهد فيلمًا كلّ مشاهده أمام عينيك. ختاماً يمكننا القول بأن هذه الروايات ليست مصنّفة تصنيفًا عالميًا على أنّها الأفضل والأهم، ولكنّها تعتبر من أكثر الرّوايات الّتي تحمل معنى عميقًا يلامس قلب القارئ ويتفاعل معها بكلّ جوارحه.
*******