هذا التحقيق الذى قام به «أوديب» للكشف عن الحقيقة، هذا التحقيق الذى رأيت فيه أنا المحقق القديم غاية البراعة في إدارة دفته، ومناقشة شهوده ورأى فيه النظارة على مدى القرون مشهداً مسرحياً من أشد المشاهد تأثيراً على النفس، وتعليقاً للأنفاس ! لماذا اختزله جيد هذا الاختزال واقتضبه وطواه، كما يطوى اللغو من الكلام ومضى بفكرته يسير بها إلى العقل صعداً، دون سند من المواقف المثيرة؛ لذا حرصت كل الحرص على أن احتفظ لمأساة «أوديب» بكل قوتها الدرامية ومواقفها التمثيلية، وكان عنائى كله فى أن أعفى كل اثر لتفكير يظهر في الحوار، حتى لا يطغى على الموقف أو يضعف من الحركة، كان جهدى هو أن أخفى الفكرة فى تلابيب الحركة وأن أطوى اللب في أعطاف الموقف، على أنى صادفت من الصعاب ما لا أعتقد أنى اجتزته.