تُغيِّب القبور الأجساد ولكن الأرواح تظل حية، طليقة، تملأ الأثير من حولنا وتتسرب إلى لحظاتنا المعيشة لتروي قصصها. التاريخ لا يموت، ولا تكف أطيافه عن التشكل، ملوك وأمراء وفرسان شعراء، عشاق لنساء فاتنات، وفلاحون لا يتوقفون عن الزرع والقلع، يحيطون بنا أحيانًا كالقيد، وأحيانًا أُخر يلهموننا الرؤية بشكل أعمق. التاريخ هو شغف، خلاصة التجربة الإنسانية، إدراك أن الحياة لا تنتهي والأمل لا ينقطع.
هذا الكتاب يستنطق أرواح الأسلاف ويقدم سلة مليئة بحكاياتهم الشائقة، لا تنتمي للتاريخ الكبير بوقائعه المشهودة، ولكنها تغوص خلف تفاصيل التاريخ الصغير؛ تاريخ الناس الذين يعملون في صمت، ويموتون دون أثر من أجل استمرار مسيرة الحياة؛ وكلها ترسم صورة مرحة أحيانًا ومأساوية أحيانًا أخرى لكل العصور العربية، وتقودنا في النهاية إلى مصر أمِّ التاريخ التي عاشت كل طبقاته ودفعت ثمن وجودها غاليًا. هذا كتاب موهوب للمتعة الخالصة، لصفاء النفس واستخلاص العبر، حكايات كنبض القلب، وأسلوب يختزن روح الشعر.