كيف تعلمت الآلات الإصغاء للإنسان وفهمه والاستجابة لمتطلباته؟ كيف تمكن الذكاء الاصطناعي من التعلم ومحاكاة طرق التفكير بطريقة مشابه نسبياً للإنسان؟ أسئلة كثيرة تدور في أذهان كل من يهتم بعلوم الذكاء الاصطناعي في الواقع إن إجابات مثل هذه الأسئلة تقودنا إلى واحد من أهم علوم العصر الحديث، ألا وهو "التعلم العميق " - Deep Learn ing. في الواقع، شكل التعلم العميق القاعدة الأساسية التي أدت إلى إنشاء مجال الذكاء الاصطناعي، حيث يعتمد هذا العلم على استخدام ما يسمى "الشبكات العصبية" Neural Networks والتي تحاكي بطريقة ما عمل الدماغ البشري في التعلم واكتساب الخبرة والاستنباط السليم واتخاذ القرارات اعتماداً على تلك الخبرات المكتسبة.
في رحلة التطور السريع لهذه العلوم الحديثة واجه كل من الباحثين المختصين والمهتمين عقبات تقنية وفنية عديدة، مثل صعوبة تأمين وإدارة البيانات الضخمة اللازمة لتدريب الذكاء الاصطناعي، وقدرة الحواسب الإلكترونية على مواكبة وتنفيذ عمليات المعالجة الهائلة للبيانات، إضافة إلى الجدل المتعلق بالاعتبارات الأخلاقية والإثنية، إذ كيف تضمن أن أنظمة الذكاء الاصطناعي ستعطي نتائج عادلة وشفافة ومنصفة للجميع كل هذا جعل من دراسة التعلم العميق ليس مجرد تقدم تقني أو علوم أكاديمية، بل مجالاً واسعاً يشمل كل مناحي الحياة الإنسانية ويحتاج منا إلى الكثير من الاهتمام والدراسة المستفيضة.
ستنطلق في هذا الكتاب برحلة عبر عالم التعلم العميق، بدءاً من أساسيات الشبكات العصبية للذكاء الاصطناعي وكيفية تصميمها وتدريبها، وصولاً إلى التحديات التي تواجه العاملين في هذا المجال، مع التركيز على الموضوعات الأخلاقية والتطبيقات العملية التي تشكل مستقبل الذكاء الاصطناعي وطرق التعامل مع هذا الكيان الجديد.