الحمد لله، والصلاة والسلام عَلَى رسول الله، أكرمني الله تعالَى أن أخطَّ هذه السطور الَّتِي سحَّ بِهَا خاطري، فصاغها من حاضنته المترعة بمَوَاقِف الحَيَاة وأحداثها، ثمَّ تفضَّل سبحانه عليَّ بمَن دفع همتي إِلَى جمع بعضها، وأخَذَ بزمام عزمي نحو إنجازها، وهيَّأني لوضَع آخر لمساتها، بجزأيها، الأول والثاني؛ حتى صار لتلك الخواطر ما يسُرُّ النفوس والنواظر، بما تنثره من صدقها النافع، وأسلوبها الماتع.
ها هِيَ خواطري بأثوابها القشيبة تتدلى بين يديك قارئي العزيز؛ تضع نفسها فِي المكان الَّذِي يحسن فِيْهِ الأخذُ منها، والنظر إليها، والاستعانة بها. كلمات ما زرعتها إِلَّا تجاربي وخبراتي، وسَقَتْها الفكرةُ العميقة وصِدْقُ الشعور مَعَ عَبَراتي، ظهرت منسوجة الكَلِمَات بخيوط ملونة الأسلوب والطريقة، مدججة بالحقّ والحقيقة. فما أعطرَ لفظَ الخاطرة وهي تسبحُ كَلَمْحة، وتُقْرأُ كمُلْحَة، تَختصِرُ الأفعال الجسام فِي الحضور، وتوجز الأقوال فِي سُطور، نضَحَ بِهَا خاطري من عميق وجداني.
ها هِيَ تبدو لآلئ حسانًا، جاد بِهَا صدق الإحساس والشعور، جعلتُها فِي ثماني لآلئ لامعات، وجعلت فِي كلِّ لؤلؤة بوارق ودقائق، وفرائد ورقائق، حتى غدت فِي أجمل ما تَكُون صورة معاني الأفراح والأتراح في نفسي والأصحاب والخلان والناس. فالله أسأل أن يهيئ لها قبولًا حسنًا تحظى به من قارئها، يمنحها الرضا والنشر، وأن تَكُون درب هداية ورشاد، تسلي الحزانى، تملأهم أفراحًا وابتسامات، ويلتمس المبتسمون فيها الإبهاج والمسرات، وتمسح دموع من غمرتهم البلايا، وانتابتهم أوجاع المواقف. خواطري هذه محاولة أدبية آمل أن تسهم فِي بناء أخي الإنسان، عقلًا ووجدانًا، بأي أرض كان وفي أي زمان